مواضيع مماثلة
بحـث
المواضيع الأخيرة
إليكم أيها الأحبة قصة الإمام أحمد بن نصر الخزاعي،
صفحة 1 من اصل 1
إليكم أيها الأحبة قصة الإمام أحمد بن نصر الخزاعي،
إليكم أيها الأحبة قصة الإمام أحمد بن نصر الخزاعي، رحمه الله، الذي ذكره الحافظ بن كثير في كتابه البداية والنهاية في الجزء العاشر وهي قصة عجيبة، ترسم بعض الخصائص والصفات التي كان عليها بعض الأعلام من أئمة أهل السنة والجماعة، ومدى صبرهم وبلاءهم في نشر معتقد أهل السنة، ومحاربة البدع، والصدع بكلمة الحق، مهما كلفهم ذلك وإن كان روحه التي بين جنبيه.
إليكم أيها الأحبة قصة مقتل الإمام أحمد بن نصر الخزاعي على يد الواثق أسوقها بطولها كما ذكرها الحافظ رحمه الله.
قال ابن كثير: ثم دخلت سنة إحدى وثلاثين ومائتين. وفيها كان مقتل أحمد بن نصر الخزاعي رحمه الله وأكرم مثواه قال ابن خلكان:وكان خزاعياً من موالي طلحة الطلحات الخزاعي، وقد كان أبو تمام يمدحه، فدخل إليه مرة فأضافه الملح بهمدان فصنف له كتاب الحماسة عند بعض نسائه.
ولما ولاه المأمون نيابة الشام ومصر صار إليها وقد رسم له بما في ديار مصر من الحواصل، فحمل إليه وهو في أثناء الطريق ثلاثة آلاف دينار، ففرقها كلها في مجلس واحد، وأنه لما واجه مصر نظر إليها فاحتقرها وقال: قبح الله فرعون، ما كان أخسه وأضعف همته حين تبجح وتعاظم بملك هذه القرية، وقال:أنا ربكم الأعلى.وقال:أليس لي ملك مصر.فكيف لو رأى بغداد وغيرها. وكان سبب ذلك أن هذا الرجل وهو أحمد بن نصر بن مالك الخزاعي وكان جده مالك ابن الهيثم من أكبر الدعاة إلى دولة بني العباس الذين قتلوا ولده هذا، وكان أحمد بن نصر هذا له وجاهة ورياسة.
وكان أبوه نصر بن مالك يغشاه أهل الحديث، وقد بايعه العامة في سنة إحدى ومائتين على القيام بالأمر والنهي حين كثرت الشطار والدعار في غيبة المأمون عن بغداد، وكان أحمد بن نصر هذا من أهل العلم والديانة والعمل الصالح والاجتهاد في الخير، وكان من أئمة السنة الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، وكان ممن يدعو إلى القول بأن القرآن كلام الله منزل غير مخلوق، وكان الواثق من أشد الناس في القول بخلق القرآن، يدعو إليه ليلاً ونهاراً، سراً وجهاراً، اعتماداً على ما كان عليه أبوه قبله وعمه المأمون، من غير دليل ولا برهان، ولا حجة ولا بيان، ولا سنة ولا قرآن، فقام أحمد بن نصر هذا يدعو إلى الله وإلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والقول بأن القرآن كلام الله منزل غير مخلوق، في أشياء كثيرة دعا الناس إليها.فاجتمع عليه جماعة من أهل بغداد، والتف عليه من الألوف أعداداً، وانتصب للدعوة إلى أحمد بن نصر هذا رجلان وهما أبو هارون السراج يدعو أهل الجانب الشرقي، وآخر يقال له طالب يدعو أهل الجانب الغربي، فاجتمع عليه من الخلائق ألوف كثيرة، وجماعات غزيرة، فلما كان شهر شعبان من هذه السنة انتظمت البيعة لأحمد بن نصر الخزاعي في السر على القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فتواعدوا على أنهم في الليلة الثالثة من شعبان - وهي ليلة الجمعة - يضرب طبل في الليل فيجتمع الذين بايعوا في مكان اتفقوا عليه، وأنفق طالب وأبو هارون في أصحابه ديناراً ديناراً، وكان من جملة من أعطوه رجلان من بني أشرس، وكانا يتعاطيان الشراب، فلما كانت ليلة الخميس شربا في قوم من أصحابهم، واعتقدا أن تلك الليلة هي ليلة الوعد، وكان ذلك قبله بليلة، فقاما يضربان على طبل في الليل فاجتمع إليهما الناس، فلم يجئ أحد وانخرم النظام وسمع الحرس في الليل، فأعلموا نائب السلطنة، وهو محمد بن إبراهيم بن مصعب، وكان نائبا لأخيه إسحاق بن إبراهيم، لغيبته عن بغداد، فأصبح الناس متخبطين، واجتهد نائب السلطنة على إحضار ذينك الرجلين فاحضرا فعاقبهما فأقرا على أحمد بن نصر، فطلبه وأخذ خادماً له فاستقره فأقر بما أقر به الرجلان، فجمع جماعة من رؤوس أصحاب أحمد بن نصر معه وأرسل بهم إلى الخليفة بسُرَّ من رأى، وذلك في آخر شعبان، فأحضر له جماعة من الأعيان، وحضر القاضي أحمد بن أبي دؤاد المعتزلي، وأحضر أحمد بن نصر ولم يظهر منه على أحمد بن نصر عتب، فلما أوقف أحمد بن نصر بين يدي الواثق لم يعاتبه على شيء مما كان منه في مبايعته العوام على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغيره، بل أعرض عن ذلك كله وقال له: ما تقول في القرآن؟ فقال: هو كلام الله. قال: أمخلوق هو؟ قال هو كلام الله.
وكان أحمد بن نصر قد استقتل وباع نفسه وحضر وقد تحنط وشد على عورته ما يسترها فقال له. فما تقول في ربك، أترّاه يوم القيامة؟فقال: يا أمير المؤمنين قد جاء القرآن والأخبار بذلك، قال الله تعالى: وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنكم ترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته)). فنحن على الخبر. قال الواثق: ويحك! أيرى كما يرى المحدود المتجسم! ويحويه مكان ويحصره الناظر؟ أنا أكفر برب هذه صفته.
ثم قال أحمد بن نصر للواثق: وحدثني سفيان بحديث يرفعه ((إن قلب ابن آدم بإصبعين من أصابع الله يقلبه كيف شاء)) وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك)). فقال له إسحاق بن إبراهيم:ويحك، انظر ما تقول. فقال: أنت أمرتني بذلك. فأشفق إسحاق من ذلك وقال: أنا أمرتك؟ قال: نعم، أنت أمرتني أن أنصح له.
فقال الواثق لمن حوله: ما تقولون في هذا الرجل؟فأكثروا القول فيه.فقال عبد الرحمن بن إسحاق -: وكان قاضياً على الجانب الغربي فعُزل، وكان مواداً لأحمد بن نصر قبل ذلك -: يا أمير المؤمنين هو حلال الدم.وقال أبو عبد الله الأرمني صاحب أحمد بن أبي دؤاد: اسقني دمه يا أمير المؤمنين.قال الواثق: لابد أن يأتي ما تريد.وقال ابن أبي دواد: هو كافر يستتاب لعل به عاهة أو نقص عقل.
فقال الواثق: إذا رأيتموني قمت إليه فلا يقومن أحد معي، فإني أحتسب خطاي.ثم نهض إليه بالصمصامة- وقد كانت سيفا لعمرو بن معد يكرب الزبيدي أهديت لموسى الهادي في أيام خلافته وكانت صفيحة مسحورة في أسفلها مسمورة بمسامير - فلما انتهى إليه ضربه بها على عاتقه وهو مربوط بحبل قد أوقف على نطع، ثم ضربه أخرى على رأسه ثم طعنه بالصمصامة في بطنه فسقط صريعاً رحمه الله على النطع ميتاً، فإنا لله وإنا إليه راجعون.رحمه الله وعفا عنه.
فضرب عنقه وحز رأسه، وحمل معترضا حتى أتى به الحظيرة فصلب فيها، وفي رجليه زوج قيود وعليه سراويل وقميص، وحمل رأسه إلى بغداد فنصب في الجانب الشرقي أياما، وفي الغربي أياماً، وعنده الحرس في الليل والنهار، وفي أذنه رقعة مكتوب فيها:هذا رأس الكافر المشرك الضال أحمد بن نصر الخزاعي، من قتل على يدي عبد الله هارون الإمام الواثق بالله أمير المؤمنين بعد أن أقام عليه الحجة في خلق القرآن، ونفى التشبيه وعرض عليه التوبة، ومكنه من الرجوع إلى الحق فأبى إلا المعاندة والتصريح، فالحمد لله الذي عجله إلى ناره وأليم عقابه بالكفر، فاستحل بذلك أمير المؤمنين دمه ولعنه.
ثم أمر الواثق بتتبع رؤوس أصحابه فأخذ منهم نحواً من تسع وعشرين رجلاً فأودعوا في السجون وسموا الظلمة، ومنعوا أن يزورهم أحد وقيدوا بالحديد، ولم يجر عليهم شيء من الأرزاق التي كانت تجري على المحبوسين، وهذا ظلم عظيم.
وقد كان أحمد بن نصر هذا من أكابر العلماء العاملين القائمين بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وسمع الحديث من حماد بن زيد، وسفيان بن عيينة، وسمع من الإمام مالك بن أنس أحاديث جيدة، ولم يحدث بكثير من حديثه، وذكره الإمام أحمد بن حنبل يوماً فقال: رحمه الله ما كان أسخاه بنفسه لله، لقد جاد بنفسه له. وقال جعفر بن محمد الصائغ: بصرت عيناي وإلا فقئتا، وسمعت أذناي وإلا فصمتا أحمد ابن نصر الخزاعي حين ضربت عنقه يقول رأسه: لا إله إلا الله.
وقد سمعه بعض الناس وهو مصلوب على الجذع ورأسه يقرأ: آلم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون قال:فاقشعر جلدي. ولم يزل رأسه منصوباً من يوم الخميس الثامن والعشرين من شعبان سنة إحدى وثلاثين ومائتين - إلى بعد عيد الفطر بيوم أو يومين من سنة سبع وثلاثين ومائتين، فجمع بين رأسه وجثته ودفن بالجانب الشرقي من بغداد بالمقبرة المعروفة بالمالكية رحمه الله. وذلك بأمر المتوكل على الله الذي ولي الخلافة بعد أخيه الواثق.
وقد دخل عبد العزيز بن يحيى الكناني على المتوكل وكان من خيار الخلفاء لأنه أحسن الصنيع لأهل السنة، بخلاف أخيه الواثق وأبيه المعتصم وعمه المأمون، فإنهم أساءوا إلى أهل السنة وقربوا أهل البدع والضلال من المعتزلة وغيرهم، فأمره أن ينزل جثة محمد بن نصر ويدفنه ففعل، وقد كان المتوكل يكرم الإمام أحمد بن حنبل إكراماً زائداً جداً كما سيأتي بيانه في موضعه.
والمقصود أن عبد العزيز قال للمتوكل: يا أمير المؤمنين ما رأيت أو مارئي أعجب من أمر الواثق، قتل أحمد بن نصر، وكان لسانه يقرأ القرآن إلى أن دفن.
فوجل المتوكل من كلامه وساءه ما سمع في أخيه الواثق، فلما دخل عليه الوزير محمد بن عبد الملك بن الزيات قال له المتوكل: في قلبي شيء من قتل أحمد بن نصر. فقال: يا أمير المؤمنين أحرقني الله بالنار إن قتله أمير المؤمنين الواثق إلا كافراً.
ودخل عليه هرثمة فقال له في ذلك فقال: قطعني الله إرباً إرباً إن قتله إلا كافراً.
ودخل عليه القاضي أحمد بن أبي دؤاد فقال له مثل ذلك فقال: ضربني الله بالفالج إن قتله الواثق إلا كافراً، قال المتوكل: فأما ابن الزيات فأنا أحرقته بالنار. وأما هرثمة فإنه هرب فاجتاز بقبيلة خزاعة فعرفه رجل من الحي فقال: يا معشر خزاعة هذا الذي قتل ابن عمكم أحمد بن نصر فقطعوه. فقطعوه إربا إربا. وأما ابن أبي دؤاد فقد سجنه الله في جلده - يعني بالفالج - ضربه الله قبل موته بأربع سنين، وصودر من صلب ماله بمال جزيل جداً. نماذج من
قال ابن إسحاق ومصعب الزُّبيريُّ: خُزاعةُ في مضر، وهم من ولد قمعة بن الياس بن مضر. وقال ابنُ إسحاق: خزاعة هو كعب بن عمرو بن لُحي بن قَمعةَ بن خندف. وقد ذكر أن ولد الياس بن مضر ينتسبون إلى أمِّهم خندف. ورُوي عن أبي حَصينٍ الوادعيِّ عن أبي صالح، عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: عَمرو بن لُحَيِّ بن قَمعةَ بن خِندفَ هو أبو خُزاعةَ. هذا قولُ نُسَّاب مضر وخُزاعةُ تأبى هذا، وتقول: نحن بنو عمرو بن ربيعة بن حارثة بن عمرو بن عامر بن حارثة بن امرىء القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد بن الغوث، وخندفُ أمُّنا. ذكر هذا أبو عبيدة معمر بن المثنى وابن الكلبي. فعلى قول ابن إسحاق ومُصعب: خزاعة مُضريَّةٌ في عدنان، وعلى قول أبي عبيدة وابن الكلبيِّ: خزاعةُ قحطانيَّة في اليمن. وإنما سُميت خُزاعة، لأنهم تخزَّعوا من ولدِ عمرو بن عامرٍ، أي فارقوهم حين أقبلُوا من اليمن، يريدون الشام. فنزلوا بمرِّ الظَّهران بجنبات الحَرم، ووَلوُا حجابةَ البيت دَهراً.
وخزاعةُ عَيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم حُلفاؤه، لأنهم حُلفاءُ بن هاشم، ولنزول خزاعة في الحرم ومُجاورَتِهمْ قريشاً. قال ابن عباس: نزل القرآنُ بلغة الكَعَبيْنِ؛ كعب بن لؤي وكعب بن عمرو بن لُحَي. وقد أَدخلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم معه في كتاب القضيَّة عامَ الحُديبية. وأَدخلت قريش بني بكر بن مناة معهم، فوقعت حرب بين خزاعة وبين بني بكر. فأعان مشركون قريش حلفاءهم بني بكر، ونقضوا بذلك العهد، فكان ذلك سبب فتح مكة لنصر رسول الله صلى الله عليه وسلم حافءَه. وقال عليه السلام، حين قدم عليه عَمرو بن سالم مُستنصراً، وقد عرض له عنانٌ من السماء: " أنَّ هذه السحابة لتستهلُّ بنصر بني كعب " . وأعطاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم منزلةً لم يُعطها أحداً من الناس؛ أَن جعلهم مهاجرين بأرضهم، وكتب لهم بذلك كتاباً. فقال يفخرُ بذلك نُجَيدُ بن عمران في أبيات له يوم فتح مكة، وحُقَّ له أن يَفخر:
وقد أنشأ اللهُ السحابَ بنصرنا ... رُكامَ سحاب الهَيدَبِ المتراكبِ
وهجرتُنا في أرضنا عندنا بها ... أَنني من مُمْلٍ وكاتبِ
ومن أَجانا حَلَّتْ بمكةَ حُرمةٌ ... لِندرِكَ ثأراً بالسيوف القواضبِ
وهذه بطونُ خزاعة: كعب ومُليْحٌ وعديٌّ وسَعدٌ بنو عمرو بن ربيعةَ بن حارثةَ بن عمرو بن عامر، وربيعةُ بنُ حارثة هو لُحَي. وأَفصى بتُ حارثة أخو لُحيٍّ، يقال لولده أيضاً: خزاعةُ. وهم أسلمُ ومَلْكان ومالك بنو أَفصى لأنهم تخزَّعوا من بني مازن بن الأزد في إقبالهم معَهم من اليمن، ثم تفرقوا في البلاد. والاْنخراعُ: التقاعسُ والتخلُّفُ.
قال محمدُ بن عبدة بن سليمان النسابة: افترقَت خُزاعةُ على أربعة شعوب؛ فالشعب الأول: ربيعة بن حارثة بن عمرو بن عامر، إلا بيتين من ربيعةَ بن حارثة، وهم بنو جفنةَ الذين بالشام في غسَّان. والشعبُ الثاني: أَسلمُ بن أَفصى. والشعب الثالث: مَلكان بن أفصى. والشعب الرابع: مالك بن أفصى.
فمن بني كعب بن عمرو بن ربيعة: غاضِرةُ بن حُبْشيَّة بن سلول بن كعب، وهو بطن، وكُليب بن حبشيَّةَ بطن، وقُمير بن حبشيَّة بطن، وحِزام بن عَمرو بن حبشيَّة بطن، وحُليلُ بن حبشيَّة بطن.
فمن بني غاضرة عِمران بن حُصين بن عبيد بن خلف بن عبد نَهْم بن سالم بن غاضرة بن حُبشيَّة بن سلول بن كعب الخزاعيُّ الكعبيُّ: يكنى أبا نُجيدٍ بابنهِ نُجيد بن عمران. أسلم أبو هُريرةَ وعمرانُ بن حُصين عامَ خيبر. وقال خليفة بن خَياطٍ: استقضى عبدُ الله بن عامر عمران بن حُصين على البصرة، ثم استعفاهُ فأَعفاهُ. وكان عمران بن حُصين من فُضلاء الصحابة وفُقهائهم. يقول أهل البصرة: إنه كان يرى الحفظَة، وكانت تُكلِّمهُ، حتى اكتوى. وقال محمد بن سيرين: أفضلُ من نزل البصرةَ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عمران بن حصين وأبو بكرةَ. سكن عمرانُ البصرة ومات بها سنة اثنتين وخمسين في خلافة معاوية. رَوى عنه جماعةٌ من تابعي أهل البصرة والكوفة.
ومنهم سعيدُ بن سارية: ولى شرطة علي بن أبي طالب. ومنهم أبو جُمعة: جدُّ كُثيرِّ عزة لأبيه.
ومن بني كليب بن حُبشيَّة مُعتِّب بن عوف بن عامر بن الفضل بن عفيف بن كُليب بن حُبشيَّة: شهد بدراً. وهو من خلفاء بني مخزوم، وهو الذي يقال له مُعتِّب بن حمراءَ، وكان يُدعى عَيْهامة. ويقال للناقة، إذا طال عنقُها، عَيْهامة.
ومنهم خِراشُ بن أُميَّة: وهو الذي بعثه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى قريش بمكة حين صدُّوهُ عن البيت في عُمرة الحديبية، وحمله على بعيرٍ له، يقال له الثعلب، ليُبلِّغَ أشرافهم عنه ما جاء له فَعَقروا به جملَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأرادوا قتله، فمنعتْهُ الأحابيشُ، فخلَّوا سبيلهُ، حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وخراش هو قاتل أبن الأثْوغِ الهُذْلي في الغد من يوم فتح مكة. وقال سعيد بن المسيَّب: لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ما صنَعَ خِراشُ بن أمية بابن الأثوغ قال: " إن خراشاً لقتَّال " يعيبُه بذلك.
ومن بني قُمير بن حُبشيَّة ذُؤيبُ بن حَلحَلة: ويقال: ذؤيبُ بن حبيب بن حلحلة بن عمرو بن كُليب بن أَصرم بن عبد الله بن قُمير بن حُبشيَّة. كان ذؤيب هذا صاحب بُدن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وكان يبعث معه الهَدْيَ، ويأمره إن عَطب منه شيءٌ قبل محلِّه أن يَنْحره، ويخلي بين الناس وبينه.
روى سعيد بن أبي عروبة عن قتادة، عن سنان بن سلمة، عن ابن عباس أن ذُؤيباً أبا قُبيصةَ حدَّثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبعث معه بالبدن، ثم يقول: " إن عطب منها شيء قبل مَحلِّه فخشيتَ عليهِ مَوتاً، فانْحرْها، ثم اغمس نعلها في دمِها، ثم اضرب به صفحتها، ول تَطعَمْها أنت، ولا أحد من أهل رُفقتك " . شهد ذؤيب الفتح مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يسكن قُديداً، وله دارٌ بالمدينة، وعاش إلى زمن معاوية.
وابنه قبيصةُ بن ذؤيب: ولد في أول سنةٍ من الهجرة. وقيل: ولد عام الفتح. يكنى أبا إسحاقَ، قيل:أبا سعيدٍ. روى عن أبى الدَّرداء وأبى هُريرة وزيد بن ثابتٍ وجماعةٍ من الصحابة. روى عنه الزهريُّ ورجاءُ بن حيوةَ ومكحول. وكان ابنُ شهاب إذا ذكر قبيص بن ذؤيب قال: كان من علماء هذه الأمة. توفي سنةَ ستٍ وثمانين، وله ست وثمانون ...... وذكرهُ في الطبقات، وقال: كان مع عبد الله بن الأرقم على بيت المال زمن عمر بن الخطاب. وهو من جلَّة تابعي أهل المدينة وعلمائها، ويُكنى أبا محمد. روى عن عُمر وغيره من كبار الصحابة. وروى عنه عُروةُ بن الزُّبير وحُميدُ بن عبد الرحمن. وتوفي سنة إحدى وثمانين، وهو ابن ثمان وسبعين سنةً بالمدينة.
إليكم أيها الأحبة قصة مقتل الإمام أحمد بن نصر الخزاعي على يد الواثق أسوقها بطولها كما ذكرها الحافظ رحمه الله.
قال ابن كثير: ثم دخلت سنة إحدى وثلاثين ومائتين. وفيها كان مقتل أحمد بن نصر الخزاعي رحمه الله وأكرم مثواه قال ابن خلكان:وكان خزاعياً من موالي طلحة الطلحات الخزاعي، وقد كان أبو تمام يمدحه، فدخل إليه مرة فأضافه الملح بهمدان فصنف له كتاب الحماسة عند بعض نسائه.
ولما ولاه المأمون نيابة الشام ومصر صار إليها وقد رسم له بما في ديار مصر من الحواصل، فحمل إليه وهو في أثناء الطريق ثلاثة آلاف دينار، ففرقها كلها في مجلس واحد، وأنه لما واجه مصر نظر إليها فاحتقرها وقال: قبح الله فرعون، ما كان أخسه وأضعف همته حين تبجح وتعاظم بملك هذه القرية، وقال:أنا ربكم الأعلى.وقال:أليس لي ملك مصر.فكيف لو رأى بغداد وغيرها. وكان سبب ذلك أن هذا الرجل وهو أحمد بن نصر بن مالك الخزاعي وكان جده مالك ابن الهيثم من أكبر الدعاة إلى دولة بني العباس الذين قتلوا ولده هذا، وكان أحمد بن نصر هذا له وجاهة ورياسة.
وكان أبوه نصر بن مالك يغشاه أهل الحديث، وقد بايعه العامة في سنة إحدى ومائتين على القيام بالأمر والنهي حين كثرت الشطار والدعار في غيبة المأمون عن بغداد، وكان أحمد بن نصر هذا من أهل العلم والديانة والعمل الصالح والاجتهاد في الخير، وكان من أئمة السنة الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، وكان ممن يدعو إلى القول بأن القرآن كلام الله منزل غير مخلوق، وكان الواثق من أشد الناس في القول بخلق القرآن، يدعو إليه ليلاً ونهاراً، سراً وجهاراً، اعتماداً على ما كان عليه أبوه قبله وعمه المأمون، من غير دليل ولا برهان، ولا حجة ولا بيان، ولا سنة ولا قرآن، فقام أحمد بن نصر هذا يدعو إلى الله وإلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والقول بأن القرآن كلام الله منزل غير مخلوق، في أشياء كثيرة دعا الناس إليها.فاجتمع عليه جماعة من أهل بغداد، والتف عليه من الألوف أعداداً، وانتصب للدعوة إلى أحمد بن نصر هذا رجلان وهما أبو هارون السراج يدعو أهل الجانب الشرقي، وآخر يقال له طالب يدعو أهل الجانب الغربي، فاجتمع عليه من الخلائق ألوف كثيرة، وجماعات غزيرة، فلما كان شهر شعبان من هذه السنة انتظمت البيعة لأحمد بن نصر الخزاعي في السر على القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فتواعدوا على أنهم في الليلة الثالثة من شعبان - وهي ليلة الجمعة - يضرب طبل في الليل فيجتمع الذين بايعوا في مكان اتفقوا عليه، وأنفق طالب وأبو هارون في أصحابه ديناراً ديناراً، وكان من جملة من أعطوه رجلان من بني أشرس، وكانا يتعاطيان الشراب، فلما كانت ليلة الخميس شربا في قوم من أصحابهم، واعتقدا أن تلك الليلة هي ليلة الوعد، وكان ذلك قبله بليلة، فقاما يضربان على طبل في الليل فاجتمع إليهما الناس، فلم يجئ أحد وانخرم النظام وسمع الحرس في الليل، فأعلموا نائب السلطنة، وهو محمد بن إبراهيم بن مصعب، وكان نائبا لأخيه إسحاق بن إبراهيم، لغيبته عن بغداد، فأصبح الناس متخبطين، واجتهد نائب السلطنة على إحضار ذينك الرجلين فاحضرا فعاقبهما فأقرا على أحمد بن نصر، فطلبه وأخذ خادماً له فاستقره فأقر بما أقر به الرجلان، فجمع جماعة من رؤوس أصحاب أحمد بن نصر معه وأرسل بهم إلى الخليفة بسُرَّ من رأى، وذلك في آخر شعبان، فأحضر له جماعة من الأعيان، وحضر القاضي أحمد بن أبي دؤاد المعتزلي، وأحضر أحمد بن نصر ولم يظهر منه على أحمد بن نصر عتب، فلما أوقف أحمد بن نصر بين يدي الواثق لم يعاتبه على شيء مما كان منه في مبايعته العوام على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغيره، بل أعرض عن ذلك كله وقال له: ما تقول في القرآن؟ فقال: هو كلام الله. قال: أمخلوق هو؟ قال هو كلام الله.
وكان أحمد بن نصر قد استقتل وباع نفسه وحضر وقد تحنط وشد على عورته ما يسترها فقال له. فما تقول في ربك، أترّاه يوم القيامة؟فقال: يا أمير المؤمنين قد جاء القرآن والأخبار بذلك، قال الله تعالى: وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنكم ترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته)). فنحن على الخبر. قال الواثق: ويحك! أيرى كما يرى المحدود المتجسم! ويحويه مكان ويحصره الناظر؟ أنا أكفر برب هذه صفته.
ثم قال أحمد بن نصر للواثق: وحدثني سفيان بحديث يرفعه ((إن قلب ابن آدم بإصبعين من أصابع الله يقلبه كيف شاء)) وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك)). فقال له إسحاق بن إبراهيم:ويحك، انظر ما تقول. فقال: أنت أمرتني بذلك. فأشفق إسحاق من ذلك وقال: أنا أمرتك؟ قال: نعم، أنت أمرتني أن أنصح له.
فقال الواثق لمن حوله: ما تقولون في هذا الرجل؟فأكثروا القول فيه.فقال عبد الرحمن بن إسحاق -: وكان قاضياً على الجانب الغربي فعُزل، وكان مواداً لأحمد بن نصر قبل ذلك -: يا أمير المؤمنين هو حلال الدم.وقال أبو عبد الله الأرمني صاحب أحمد بن أبي دؤاد: اسقني دمه يا أمير المؤمنين.قال الواثق: لابد أن يأتي ما تريد.وقال ابن أبي دواد: هو كافر يستتاب لعل به عاهة أو نقص عقل.
فقال الواثق: إذا رأيتموني قمت إليه فلا يقومن أحد معي، فإني أحتسب خطاي.ثم نهض إليه بالصمصامة- وقد كانت سيفا لعمرو بن معد يكرب الزبيدي أهديت لموسى الهادي في أيام خلافته وكانت صفيحة مسحورة في أسفلها مسمورة بمسامير - فلما انتهى إليه ضربه بها على عاتقه وهو مربوط بحبل قد أوقف على نطع، ثم ضربه أخرى على رأسه ثم طعنه بالصمصامة في بطنه فسقط صريعاً رحمه الله على النطع ميتاً، فإنا لله وإنا إليه راجعون.رحمه الله وعفا عنه.
فضرب عنقه وحز رأسه، وحمل معترضا حتى أتى به الحظيرة فصلب فيها، وفي رجليه زوج قيود وعليه سراويل وقميص، وحمل رأسه إلى بغداد فنصب في الجانب الشرقي أياما، وفي الغربي أياماً، وعنده الحرس في الليل والنهار، وفي أذنه رقعة مكتوب فيها:هذا رأس الكافر المشرك الضال أحمد بن نصر الخزاعي، من قتل على يدي عبد الله هارون الإمام الواثق بالله أمير المؤمنين بعد أن أقام عليه الحجة في خلق القرآن، ونفى التشبيه وعرض عليه التوبة، ومكنه من الرجوع إلى الحق فأبى إلا المعاندة والتصريح، فالحمد لله الذي عجله إلى ناره وأليم عقابه بالكفر، فاستحل بذلك أمير المؤمنين دمه ولعنه.
ثم أمر الواثق بتتبع رؤوس أصحابه فأخذ منهم نحواً من تسع وعشرين رجلاً فأودعوا في السجون وسموا الظلمة، ومنعوا أن يزورهم أحد وقيدوا بالحديد، ولم يجر عليهم شيء من الأرزاق التي كانت تجري على المحبوسين، وهذا ظلم عظيم.
وقد كان أحمد بن نصر هذا من أكابر العلماء العاملين القائمين بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وسمع الحديث من حماد بن زيد، وسفيان بن عيينة، وسمع من الإمام مالك بن أنس أحاديث جيدة، ولم يحدث بكثير من حديثه، وذكره الإمام أحمد بن حنبل يوماً فقال: رحمه الله ما كان أسخاه بنفسه لله، لقد جاد بنفسه له. وقال جعفر بن محمد الصائغ: بصرت عيناي وإلا فقئتا، وسمعت أذناي وإلا فصمتا أحمد ابن نصر الخزاعي حين ضربت عنقه يقول رأسه: لا إله إلا الله.
وقد سمعه بعض الناس وهو مصلوب على الجذع ورأسه يقرأ: آلم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون قال:فاقشعر جلدي. ولم يزل رأسه منصوباً من يوم الخميس الثامن والعشرين من شعبان سنة إحدى وثلاثين ومائتين - إلى بعد عيد الفطر بيوم أو يومين من سنة سبع وثلاثين ومائتين، فجمع بين رأسه وجثته ودفن بالجانب الشرقي من بغداد بالمقبرة المعروفة بالمالكية رحمه الله. وذلك بأمر المتوكل على الله الذي ولي الخلافة بعد أخيه الواثق.
وقد دخل عبد العزيز بن يحيى الكناني على المتوكل وكان من خيار الخلفاء لأنه أحسن الصنيع لأهل السنة، بخلاف أخيه الواثق وأبيه المعتصم وعمه المأمون، فإنهم أساءوا إلى أهل السنة وقربوا أهل البدع والضلال من المعتزلة وغيرهم، فأمره أن ينزل جثة محمد بن نصر ويدفنه ففعل، وقد كان المتوكل يكرم الإمام أحمد بن حنبل إكراماً زائداً جداً كما سيأتي بيانه في موضعه.
والمقصود أن عبد العزيز قال للمتوكل: يا أمير المؤمنين ما رأيت أو مارئي أعجب من أمر الواثق، قتل أحمد بن نصر، وكان لسانه يقرأ القرآن إلى أن دفن.
فوجل المتوكل من كلامه وساءه ما سمع في أخيه الواثق، فلما دخل عليه الوزير محمد بن عبد الملك بن الزيات قال له المتوكل: في قلبي شيء من قتل أحمد بن نصر. فقال: يا أمير المؤمنين أحرقني الله بالنار إن قتله أمير المؤمنين الواثق إلا كافراً.
ودخل عليه هرثمة فقال له في ذلك فقال: قطعني الله إرباً إرباً إن قتله إلا كافراً.
ودخل عليه القاضي أحمد بن أبي دؤاد فقال له مثل ذلك فقال: ضربني الله بالفالج إن قتله الواثق إلا كافراً، قال المتوكل: فأما ابن الزيات فأنا أحرقته بالنار. وأما هرثمة فإنه هرب فاجتاز بقبيلة خزاعة فعرفه رجل من الحي فقال: يا معشر خزاعة هذا الذي قتل ابن عمكم أحمد بن نصر فقطعوه. فقطعوه إربا إربا. وأما ابن أبي دؤاد فقد سجنه الله في جلده - يعني بالفالج - ضربه الله قبل موته بأربع سنين، وصودر من صلب ماله بمال جزيل جداً. نماذج من
قال ابن إسحاق ومصعب الزُّبيريُّ: خُزاعةُ في مضر، وهم من ولد قمعة بن الياس بن مضر. وقال ابنُ إسحاق: خزاعة هو كعب بن عمرو بن لُحي بن قَمعةَ بن خندف. وقد ذكر أن ولد الياس بن مضر ينتسبون إلى أمِّهم خندف. ورُوي عن أبي حَصينٍ الوادعيِّ عن أبي صالح، عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: عَمرو بن لُحَيِّ بن قَمعةَ بن خِندفَ هو أبو خُزاعةَ. هذا قولُ نُسَّاب مضر وخُزاعةُ تأبى هذا، وتقول: نحن بنو عمرو بن ربيعة بن حارثة بن عمرو بن عامر بن حارثة بن امرىء القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد بن الغوث، وخندفُ أمُّنا. ذكر هذا أبو عبيدة معمر بن المثنى وابن الكلبي. فعلى قول ابن إسحاق ومُصعب: خزاعة مُضريَّةٌ في عدنان، وعلى قول أبي عبيدة وابن الكلبيِّ: خزاعةُ قحطانيَّة في اليمن. وإنما سُميت خُزاعة، لأنهم تخزَّعوا من ولدِ عمرو بن عامرٍ، أي فارقوهم حين أقبلُوا من اليمن، يريدون الشام. فنزلوا بمرِّ الظَّهران بجنبات الحَرم، ووَلوُا حجابةَ البيت دَهراً.
وخزاعةُ عَيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم حُلفاؤه، لأنهم حُلفاءُ بن هاشم، ولنزول خزاعة في الحرم ومُجاورَتِهمْ قريشاً. قال ابن عباس: نزل القرآنُ بلغة الكَعَبيْنِ؛ كعب بن لؤي وكعب بن عمرو بن لُحَي. وقد أَدخلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم معه في كتاب القضيَّة عامَ الحُديبية. وأَدخلت قريش بني بكر بن مناة معهم، فوقعت حرب بين خزاعة وبين بني بكر. فأعان مشركون قريش حلفاءهم بني بكر، ونقضوا بذلك العهد، فكان ذلك سبب فتح مكة لنصر رسول الله صلى الله عليه وسلم حافءَه. وقال عليه السلام، حين قدم عليه عَمرو بن سالم مُستنصراً، وقد عرض له عنانٌ من السماء: " أنَّ هذه السحابة لتستهلُّ بنصر بني كعب " . وأعطاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم منزلةً لم يُعطها أحداً من الناس؛ أَن جعلهم مهاجرين بأرضهم، وكتب لهم بذلك كتاباً. فقال يفخرُ بذلك نُجَيدُ بن عمران في أبيات له يوم فتح مكة، وحُقَّ له أن يَفخر:
وقد أنشأ اللهُ السحابَ بنصرنا ... رُكامَ سحاب الهَيدَبِ المتراكبِ
وهجرتُنا في أرضنا عندنا بها ... أَنني من مُمْلٍ وكاتبِ
ومن أَجانا حَلَّتْ بمكةَ حُرمةٌ ... لِندرِكَ ثأراً بالسيوف القواضبِ
وهذه بطونُ خزاعة: كعب ومُليْحٌ وعديٌّ وسَعدٌ بنو عمرو بن ربيعةَ بن حارثةَ بن عمرو بن عامر، وربيعةُ بنُ حارثة هو لُحَي. وأَفصى بتُ حارثة أخو لُحيٍّ، يقال لولده أيضاً: خزاعةُ. وهم أسلمُ ومَلْكان ومالك بنو أَفصى لأنهم تخزَّعوا من بني مازن بن الأزد في إقبالهم معَهم من اليمن، ثم تفرقوا في البلاد. والاْنخراعُ: التقاعسُ والتخلُّفُ.
قال محمدُ بن عبدة بن سليمان النسابة: افترقَت خُزاعةُ على أربعة شعوب؛ فالشعب الأول: ربيعة بن حارثة بن عمرو بن عامر، إلا بيتين من ربيعةَ بن حارثة، وهم بنو جفنةَ الذين بالشام في غسَّان. والشعبُ الثاني: أَسلمُ بن أَفصى. والشعب الثالث: مَلكان بن أفصى. والشعب الرابع: مالك بن أفصى.
فمن بني كعب بن عمرو بن ربيعة: غاضِرةُ بن حُبْشيَّة بن سلول بن كعب، وهو بطن، وكُليب بن حبشيَّةَ بطن، وقُمير بن حبشيَّة بطن، وحِزام بن عَمرو بن حبشيَّة بطن، وحُليلُ بن حبشيَّة بطن.
فمن بني غاضرة عِمران بن حُصين بن عبيد بن خلف بن عبد نَهْم بن سالم بن غاضرة بن حُبشيَّة بن سلول بن كعب الخزاعيُّ الكعبيُّ: يكنى أبا نُجيدٍ بابنهِ نُجيد بن عمران. أسلم أبو هُريرةَ وعمرانُ بن حُصين عامَ خيبر. وقال خليفة بن خَياطٍ: استقضى عبدُ الله بن عامر عمران بن حُصين على البصرة، ثم استعفاهُ فأَعفاهُ. وكان عمران بن حُصين من فُضلاء الصحابة وفُقهائهم. يقول أهل البصرة: إنه كان يرى الحفظَة، وكانت تُكلِّمهُ، حتى اكتوى. وقال محمد بن سيرين: أفضلُ من نزل البصرةَ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عمران بن حصين وأبو بكرةَ. سكن عمرانُ البصرة ومات بها سنة اثنتين وخمسين في خلافة معاوية. رَوى عنه جماعةٌ من تابعي أهل البصرة والكوفة.
ومنهم سعيدُ بن سارية: ولى شرطة علي بن أبي طالب. ومنهم أبو جُمعة: جدُّ كُثيرِّ عزة لأبيه.
ومن بني كليب بن حُبشيَّة مُعتِّب بن عوف بن عامر بن الفضل بن عفيف بن كُليب بن حُبشيَّة: شهد بدراً. وهو من خلفاء بني مخزوم، وهو الذي يقال له مُعتِّب بن حمراءَ، وكان يُدعى عَيْهامة. ويقال للناقة، إذا طال عنقُها، عَيْهامة.
ومنهم خِراشُ بن أُميَّة: وهو الذي بعثه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى قريش بمكة حين صدُّوهُ عن البيت في عُمرة الحديبية، وحمله على بعيرٍ له، يقال له الثعلب، ليُبلِّغَ أشرافهم عنه ما جاء له فَعَقروا به جملَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأرادوا قتله، فمنعتْهُ الأحابيشُ، فخلَّوا سبيلهُ، حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وخراش هو قاتل أبن الأثْوغِ الهُذْلي في الغد من يوم فتح مكة. وقال سعيد بن المسيَّب: لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ما صنَعَ خِراشُ بن أمية بابن الأثوغ قال: " إن خراشاً لقتَّال " يعيبُه بذلك.
ومن بني قُمير بن حُبشيَّة ذُؤيبُ بن حَلحَلة: ويقال: ذؤيبُ بن حبيب بن حلحلة بن عمرو بن كُليب بن أَصرم بن عبد الله بن قُمير بن حُبشيَّة. كان ذؤيب هذا صاحب بُدن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وكان يبعث معه الهَدْيَ، ويأمره إن عَطب منه شيءٌ قبل محلِّه أن يَنْحره، ويخلي بين الناس وبينه.
روى سعيد بن أبي عروبة عن قتادة، عن سنان بن سلمة، عن ابن عباس أن ذُؤيباً أبا قُبيصةَ حدَّثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبعث معه بالبدن، ثم يقول: " إن عطب منها شيء قبل مَحلِّه فخشيتَ عليهِ مَوتاً، فانْحرْها، ثم اغمس نعلها في دمِها، ثم اضرب به صفحتها، ول تَطعَمْها أنت، ولا أحد من أهل رُفقتك " . شهد ذؤيب الفتح مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يسكن قُديداً، وله دارٌ بالمدينة، وعاش إلى زمن معاوية.
وابنه قبيصةُ بن ذؤيب: ولد في أول سنةٍ من الهجرة. وقيل: ولد عام الفتح. يكنى أبا إسحاقَ، قيل:أبا سعيدٍ. روى عن أبى الدَّرداء وأبى هُريرة وزيد بن ثابتٍ وجماعةٍ من الصحابة. روى عنه الزهريُّ ورجاءُ بن حيوةَ ومكحول. وكان ابنُ شهاب إذا ذكر قبيص بن ذؤيب قال: كان من علماء هذه الأمة. توفي سنةَ ستٍ وثمانين، وله ست وثمانون ...... وذكرهُ في الطبقات، وقال: كان مع عبد الله بن الأرقم على بيت المال زمن عمر بن الخطاب. وهو من جلَّة تابعي أهل المدينة وعلمائها، ويُكنى أبا محمد. روى عن عُمر وغيره من كبار الصحابة. وروى عنه عُروةُ بن الزُّبير وحُميدُ بن عبد الرحمن. وتوفي سنة إحدى وثمانين، وهو ابن ثمان وسبعين سنةً بالمدينة.
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
السبت مارس 02, 2019 7:05 am من طرف خالد كطران الخزاعي
» نسب عشيرة الحريشين الخزاعيه
الأحد فبراير 24, 2019 8:21 pm من طرف المدير ذياب الخزعلي
» صورخالدالشمري
الإثنين مارس 17, 2014 3:24 am من طرف المدير ذياب الخزعلي
» صورمن مكوب الخزاعل لعام 1435
السبت نوفمبر 30, 2013 1:06 am من طرف المدير ذياب الخزعلي
» الشيخ ثعبان ابومحمد شيخ البومحمد
السبت نوفمبر 16, 2013 3:28 pm من طرف خالد كطران الخزاعي
» صور متفرقه من الخزاعل
الأربعاء يوليو 17, 2013 9:33 pm من طرف المدير ذياب الخزعلي
» صور من مضيف ابو اثير الخزعلي في كربلاء حي القادسية
الأربعاء يوليو 17, 2013 8:55 pm من طرف المدير ذياب الخزعلي
» صورة الشيخ هاشم عبيدعبدعلي الدهش الخزعلي
الأربعاء يوليو 17, 2013 8:40 pm من طرف المدير ذياب الخزعلي
» صور الامير حسين الشعلان مع الشيخ هاشم عبيدعبدعلي الدهش الخزاعي
الخميس يوليو 04, 2013 8:46 pm من طرف المدير ذياب الخزعلي